السؤال الخامس : بم يتعلق قوله ﴿لّلسَّائِلِينَ﴾ ؟ الجواب فيه وجهان : الأول : أن الزجاج قال قوله ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾ أي في تتمة أربعة أيام، إذا عرفت هذا فالتقدير ﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها﴾ في تتمة أربعة أيام لأجل السائلين أي الطالبين للأقوات المحتاجين إليها والثاني : أنه متعلق بمحذوف والتقدير كأنه قيل هذا الحصر والبيان لأجل من سأل كم خلقت الأرض وما فيها، ولما شرح الله تعالى كيفية تخليق الأرض وما فيها أتبعه بكيفية تخليق السموات فقال :﴿ثُمَّ استوى إِلَى السماء وَهِيَ دُخَانٌ﴾ وفيه مباحث :
البحث الأول : قوله تعالى :﴿ثُمَّ استوى إِلَى السماء﴾ من قولهم استوى إلى مكان كذا إذا توجه إليه توجهاً لا يلتفت معه إلى عمل آخر، وهو من الاستواء الذي هو ضد الاعوجاج، ونظيره قولهم استقام إليه وامتد إليه، ومنه قوله تعالى :﴿فاستقيموا إِلَيْهِ﴾ [ فصلت : ٦ ] والمعنى ثم دعاه داعي الحكمة إلى خلق السماء بعد خلق الأرض وما فيها، من غير صرف يصرفه ذلك.
البحث الثاني : ذكر صاحب "الأثر" أنه كان عرش الله على الماء قبل خلق السموات والأرض فأحدث الله في ذلك الماء سخونة فارتفع زبد ودخان، أما الزبد فيبقى على وجه الماء فخلق الله منه اليبوسة وأحدث منه الأرض، وأما الدخان فارتفع وعلا فخلق الله منه السموات.