وقال ابن عطية :
﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) ﴾
قوله تعالى :﴿ ويوم ﴾ نصب بإضمار فعل تقديره : واذكر يوم.
وقرأ نافع وحده والأعرج وأهل المدينة :" نحشر " بالنون " أعداءَ " بالنصب، إلا أن الأعرج كسر الشين. وقرأ الباقون :" يُحشر " بالياء المرفوعة، " أعداءُ " رفعاً، وهي قراءة الأعمش والحسن وأبي رجاء وأبي جعفر وقتادة وعيسى وطلحة ونافع فيما روي عنه، وحجتها ﴿ يوزعون ﴾، و: ﴿ أعداء الله ﴾ هم الكفار المخالفون لأمره.
و: ﴿ يوزعون ﴾ قال قتادة والسدي وأهل اللغة، معناه : يكف أولهم حبساً على آخرتهم، وفي حديث أبي قحافة يوم الفتح : ذلك الوازع. وقال الحسن البصري : لا بد للقاضي من وزعة. وقال أبو بكر : إني لا أقيد من وزعة الله تعالى. و: ﴿ حتى ﴾ غاية لهذا الحشر المذكور، وهذا وصف حال من أحوالهم في بعض أوقات القيامة، وذلك عند وصولهم إلى جهنم فإن الله تعالى يستقرهم عند ذلك على أنفسهم ويسألون سؤال توبيخ عن كفرهم فينكرون ذلك ويحسبون أن لا شاهد عليهم، ويظنون السؤال سؤال استفهام واستخبار، فينطق الله تعالى جوارحهم بالشهادة عليهم، فروي عن النبي عليه السلام " أن أول ما ينطق من الإنسان فخذه الأيسر ثم تنطق الجوارح، " فيقول الكافر : تباً لك أيها الأعضاء، فعنك كنت أدافع. وفي حديث آخر :" يجيئون يوم القيامة على أفواههم الفدام فيتكلم الفخذ والكف. " ثم ذكر الله تعالى محاورتهم لجلودهم في قولهم :﴿ لم شهدتم علينا ﴾ أي وعذابنا عذاب لكم.
واختلف الناس ما المراد بالجلود؟ فقال جمهور الناس : هي الجلود المعروفة. وقال عبد الله بن أبي جعفر : كنى بالجلود عن الفروج، وإياها أراد. وأخبر تعالى أن الجلود ترد جوابهم بأن الله الخالق المبدئ المعيد هو الذي أنطقهم.
وقوله :﴿ أنطق كل شيء ﴾ يريد كل ناطق مما هي فيه عادة أو خرق عادة.