وفي مصحف ابن مسعود :" ولكن زعمتم أن الله ". وحكى الطبري عن قتادة أنه عبر عن ﴿ تستترون ﴾ ب " تبطنون "، وذلك تفسير لم ينظر فيه إلى اللفظ ولا ارتباط فيه معه. وذكر الطبري وغيره حديثاً عن عبد الله بن مسعود قال : إني لمستتر بأستار الكعبة إذ دخل ثلاثة نفر قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فتحدثوا بحديث، فقال أحدهم : أترى الله يسمع ما قلنا؟ قال الآخر إنه يسمع إذا رفعنا، ولا يسمع إذا أخفينا. وقال الآخر : إن كان يسمع منه شيئاً فإنه يسمعه كله، فجئت رسول الله ﷺ فأخبرته بذلك، فنزلت هذه الآية :﴿ وما كنتم تستترون ﴾ الآية، فقرأ حتى بلغ :﴿ وإن تستعتبوا فما هم من المعتبين ﴾ [ فصلت : ٢٨ ]. وذكر النقاش أن الثلاثة : صفوان بن أمية وفرقد بن ثمامة وأبو فاطمة. وذكر الثعلبي أن الثقفي : عبد ياليل، والقرشيان : ختناه ربيعة وصفوان ابنا أمية بن خلف، ويشبه أن يكون هذا بعد فتح مكة فالآية مدنية، ويشبه أن رسول الله ﷺ قرأ الآية متمثلاً بها عند إخبار عبد الله إياه، والله أعلم.
وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)
﴿ ذلكم ﴾ رفع بالابتداء، والإشارة به إلى قوله :﴿ ولكن ظننتم أن الله لا يعلم ﴾ [ فصلت : ٢٢ ] قال قتادة : الظن ظنان : ظن منج، وظن مهلك.
قال القاضي أبو محمد : فالمنجي : هو أن يظن الموحد العارف بربه أن الله يرحمه والمهلك : ظنون الكفرة الجاهلين على اختلافها، وفي هذا المعنى ليحيى بن أكثم رؤيا حسنة مؤنسة. و﴿ ظنكم ﴾ خبر ابتداء.


الصفحة التالية
Icon