وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَآءُ الله إِلَى النار فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾
قرأ نافع "نَحْشُرُ" بالنون "أَعْدَاءَ" بالنصب.
الباقون "يُحْشَرُ" بياء مضمومة "أَعْدَاءُ" بالرفع ومعناهما بيّن.
وأعداء الله : الذين كذّبوا رسله وخالفوا أمره.
"فَهُمْ يُوزَعُونَ" يساقون ويدفعون إلى جهنم.
قال قتادة والسدي : يحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا ؛ قال أبو الأحوص : فإذا تكاملت العدة بدىء بالأكابر فالأكابر جرماً.
وقد مضى في "النمل" الكلام في "يُوزَعُونَ" مستوفى.
قوله تعالى :﴿ حتى إِذَا مَا جَآءُوهَا ﴾ "مَا" زائدة ﴿ شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ الجلود يعني بها الجلود بأعيانها في قول أكثر المفسرين.
وقال السدي وعبيد الله بن أبي جعفر والفراء : أراد بالجلود الفروج ؛ وأنشد بعض الأدباء لعامر بن جُوَيّة :
المرءُ يسعى لِلسلا...
مةِ والسلامةُ حسبه
أو سالم من قد تث...
نَّى جلدُه وابيضَّ رأسه
وقال : جلده كناية عن فرجه.
﴿ وَقَالُواْ ﴾ يعني الكفار ﴿ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ﴾ وإنما كنا نجادل عنكم ﴿ قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ لما خاطبتْ وخوطِبَتْ أُجريتْ مُجرى من يعقل.
﴿ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ أي ركب الحياة فيكم بعد أن كنتم نطفاً، فمن قدر عليه قدر على أن يُنطق الجلود وغيرها من الأعضاء.
وقيل :"وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ" ابتداء كلام من الله.