ولما كان الصباح محل رجاء الأفراح، فكان شر الأتراح ما كان فيه، قال :﴿فأصبحتم﴾ أي بسبب أن ما أعطيتموه من النعم لتستنقذوا به أنفسكم من الهلاك كان سبب هلاككم ﴿من الخاسرين﴾ أي العريقين في الخسارة، المحكوم بخسارتهم في جميع ذلك اليوم، وصوره بأقبح صورة وهو الصباح، فالمعنى أنه إذا صار حالكم حال من أصبح كذلك لم يكن للربح وقت يتدارك فيه بخلاف ما لو وجد ذلك عن المساء فإنه كان ينتظر الصباح للسعي في الربح، ويوم القيامة لا يوم بعده يسعى فيه للربح، فينبغي للمؤمن أن يكون حال خلوته أشد ما يكون هيبة لله.
ولما كان ذلك، تسبب عنه قوله لافتاً القول عن خطابهم إيذاناً بشدة الغضب وإشارة ألى أنهم لما وصلوا إلى ما ذكر من الحال أعيا عليهم المقال، فلم يقدروا على نطق بلسان، ولا إشارة برأس ولا بنان :﴿فإن يصبروا﴾ أي على ما جوزوا به فليس صبرهم بنافعهم، وهو معنى قوله :﴿فالنار مثوى﴾ أي منزلاً ﴿لهم وإن يستعتبوا﴾ أي يطلبوا الرضى بزوال العتب وهو المؤاخذة بالذنب ﴿فما هم من المعتبين﴾ أي المرضيين الذين العتب عليهم ليعفي عنهم ويترك عذابهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ٥٦٣ ـ ٥٦٦﴾


الصفحة التالية
Icon