وهذا يرجع إلى الذين قالوا :﴿ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ ﴾ [ فصلت : ٢٦ ] وهم الذين ألحدوا في آياته ومالوا عن الحق فقالوا : ليس القرآن من عند الله، أو هو شعر أو سحر ؛ فالآيات آيات القرآن.
قال مجاهد :"يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا" أي عند تلاوة القرآن بالمُكَاءِ والتَّصْدِيةِ واللَّغو والغِناء.
وقال ابن عباس : هو تبديل الكلام ووضعه في غير موضعه.
وقال قتادة :"يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا" يكذبون في آياتنا.
وقال السدي : يعاندون ويشاقون.
وقال ابن زيد : يشركون ويكذبون.
والمعنى متقارب.
وقال مقاتل : نزلت في أبي جهل.
وقيل : الآيات المعجزات، وهو يرجع إلى الأوّل فإن القرآن معجز.
﴿ أَفَمَن يلقى فِي النار ﴾ على وجهه وهو أبو جهل في قول ابن عباس وغيره.
﴿ خَيْرٌ أَم مَّن يأتي آمِناً ﴾ قيل : النبي ﷺ ؛ قاله مقاتل.
وقيل : عثمان.
وقيل : عمار بن ياسر.
وقيل : حمزة.
وقيل : عمر بن الخطاب.
وقيل : أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي.
وقيل : المؤمنون.
وقيل : إنها على العموم ؛ فالذي يلقى في النار الكافر، والذي يأتي آمناً يوم القيامة المؤمن ؛ قاله ابن بحر.
﴿ اعملوا مَا شِئْتُمْ ﴾ أمر تهديد ؛ أي بعد ما علمتم أنهما لا يستويان فلا بد لكم من الجزاء.
﴿ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ وعيد بتهديد وتوعد.
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين كَفَرُواْ بالذكر لَمَّا جَآءَهُمْ ﴾ الذكر هاهنا القرآن في قول الجميع ؛ لأن فيه ذكر ما يحتاج إليه من الأحكام.
والخبر محذوف ( تقديره ) هالكون أو معذَّبون.
وقيل : الخبر ﴿ أولئك يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [ فصلت : ٤٤ ] واعترض قوله :"مَا يُقَالُ لَكَ" ثم رجع إلى الذكر فقال :﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً ﴾ [ فصلت : ٤٤ ] ثم قال :"أولَئِكَ يُنَادَونَ" والأوّل الاختيار ؛ قال النحاس : عند النحويين جميعاً فيما علمت.