ولما كان لا يصح أصلاً ولا يتصور أن ينسب إليه سبحانه ظلم، عبر للدلالة على ذلك بنكرة في سياق النفي دالة على النسبة مقرونة بالجار فقال :﴿بظلام﴾ أي بذم ظلم ﴿للعبيد﴾ أي الجنس فلا يتصور أن يقع منه ظلم لأحد أصلاً لأن له الغنى المطلق والحكمة البالغة، وعبر ب " عبيد " دون عباد لأنه موضع إشفاق وإعلام بضعف وعدم قدرة على انتصار وعناد يدل على طاعة وعدم حقارة بل إكرام هذا أغلب الاستعمال، ولعل حكمة التعبير بصيغة المبالغة الإشارة إلى أنه لو ترك الحكم والأخذ للمظلوم من الظالم، لكان بليغ الظلم من جهة ترك الحكمة التي هي وضع الأشياء في أتقن محالها ثم من جهة وضع الشيء وهو العفو عن المسيء وترك الانتصار للمظلوم في غير موضعه، ومن جهة التسوية بين المحسن والمسيء، وذلك أشد في تهديد الظالم لأن الحكيم لا يخالف الحكمة فكيف إذا كانت المخالفة في غاية البعد عنها - هذا مع أن التعبير بها لا يضر لأنها موضوعة أيضاً للنسبة إلى أصل المعنى مطلقاً ولأن نفي مطلق الظلم مصرح به في آيات أخرى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٦ صـ ٥٨٠ ـ ٥٨٤﴾


الصفحة التالية
Icon