السؤال الرابع : قال ههنا في صفة الملائكة ﴿يَسْبَحُونَ له بالليل والنهار﴾ فهذا يدل على أنهم مواظبون على التسبيح، لا ينفكون عنه لحظة واحدة، واشتغالهم بهذا العمل على سبيل الدوام يمنعهم من الاشتغال بسائر الأعمال ككونهم ينزلون إلى الأرض كما قال :﴿نَزَلَ بِهِ الروح الأمين * على قَلْبِكَ﴾ [ الشعراء : ١٩٣، ١٩٤ ] وقال :﴿وَنَبّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ [ الحجر : ٥١ ] وقوله تعالى :﴿عَلَيْهَا مَلَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ﴾ [ التحريم : ٦ ] الجواب : إن الذين ذكرهم الله تعالى ههنا بكونهم مواظبين على التسبيح أقوام معينون من الملائكة وهم الأشراف الأكابر منهم، لأنه تعالى وصفهم بكونهم عنده، والمراد من هذه العندية كمال الشرف والمنقبة، وهذا لا ينافي كون طائفة أخرى من الملائكة مشتغلين بسائر الأعمال، فإن قالوا هب أن الأمر كذلك إلا أنهم لا بد وأن يتنفسوا، فاشتغالهم بذلك التنفس يصدهم عن تلك الحالة من التسبيح قلنا كما أن التنفس سبب لصلاح حال الحياة بالنسبة إلى البشر فذكر الله تعالى سبب لصلاح حالهم في حياتهم، ولا يجب على العاقل المنصف أن يقيس أحوال الملائكة في صفاء جوهرها وإشراق ذواتها واستغراقها في معارج معارف الله بأحوال البشر، فإن بين الحالتين بعد المشرقين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٧ صـ ١٠٩ ـ ١١٢﴾


الصفحة التالية
Icon