وقرأ عبد الله ﴿ مِن دُعَاء بالخير ﴾ بباء داخلة على الخير ﴿ وَإِن مَّسَّهُ الشر ﴾ الضيقة والعسر ﴿ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾ أي فهو يؤس قنوط من فضل الله تعالى ورحمته، وهذا صفة الكافر، والآية نزلت في الوليد بن المغيرة، وقيل : في عتبة بن ربيعة وقد بولغ في يأسه من جهة الصيغة لأن فعولاً من صيغ المبالغة ومن جهة التكرار المعنوي فإن القنوط أن يظهر عليه أثر اليأس فيتضاءل وينكسر، ولما كان أثره الدال عليه لا يفارقه كان في ذكره ذكره ثانياً بطريق أبلغ، وقدم اليأس لأنه صفة القلب وهو أن يقطع رجاءه من الخير وهي المؤثرة فيما يظهر على الصورة من التضاؤل والانكسار.
﴿ وَلَئِنْ أذقناه رَحْمَةً مّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ ﴾
أي لئن فرجنا عنه بصحة بعد مرض أو سعة بعد ضيق أو غير ذلك ﴿ لَيَقُولَنَّ هذا لِى ﴾ أي حقي استحقه لما لي من الفضل والعمل لا تفضل من الله عز وجل فاللام للاستحقاق أو هو لي دائماً لا يزوال فاللام للملك وهو يشعر بالدوام ولعل الأول أقرب.
﴿ وَمَا أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً ﴾ أي تقوم فيما سيأتي ﴿ وَلَئِن رُّجّعْتُ إلى رَبّى ﴾ على تقدير قيامها ﴿ إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى ﴾ أي للحالة الحسنى من الكرامة، والتأكيد بالقسم هنا ليس لقيام الساعة بل لكونه مجزياً بالحسنى لجزمه باستحقاقه للكرامة لاعتقاده أن ما أصابه من نعم الدنيا لاستحقاقه له وإن نعم الآخرة كذلك فلا تنافي بين أن التي الأصل فيها أن تستعمل لغير المتيقن وبين التأكيد بالقسم وإن واللام وتقديم الظرفين وصيغة التفضيل ﴿ فَلَنُنَبّئَنَّ الذين كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ ﴾ لنعلمنهم بحقيقة أعمالهم ولنبصرنهم بعكس ما اعتقدوا فيها فيظهر لهم أنهم مستحقون للإهانة لا الكرامة كما توهموا ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ لا يمكنهم التفصي عنه لشذته فهو كوثاق غليظ لا يمكن قطعه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon