ربك إلخ، لأن السورة مكية والآية ليست بمستثناة منها، واليهود لم يجادلوا حضرة الرسول في مكة ولم يقع معهم أخذ ورد إلا بالمدينة، وهذه الآية محمولة على عدم جواز النظر في الدنيا ولا دليل فيها على عدم جواز الرؤية في الآخرة، وقدمنا ما يتعلق في هذا البحث وتقسيم الوحي وجواز رؤية اللّه تعالى في الدنيا والآخرة في الآية ٥٢ من سورة المزمل، والآية ٦٠ من سورة والنجم، والآية ٦٠ من الإسراء في ج ١، وتطرقنا لها في غيرها من السور وفي الآية ٥٣ من سورة يونس، والآية ٣٦ من سورة يوسف، والآية ١٠٣ من سورة الأنعام المارات، وأشرنا إلى المواقع التي تطرقنا فيها لهذا البحث فراجعها.
قال تعالى "وَكَذلِكَ" كما أوحينا للرسل من قبلك كتبّا وصحفا "أَوْحَيْنا إِلَيْكَ" يا خاتم الرسل "رُوحاً مِنْ أَمْرِنا" قرآنا فيه حياة الأرواح في الدنيا والنجاة الطيبة والنعيم الدائم في الآخرة، وما قيل إن المراد بالروح هنا جبريل عليه السلام قيل غير سديد، لأنه لو كان المقصود هو لقال جل شأنه وهو أعلم بما يقول أرسلنا إليك روحا فقط، لأن جبريل هو من أمر اللّه أيضا فيكون في الكلام تكرار دون حاجة.
هذا، وقد اجتمعت له عليه الصلاة والسلام أنواع الوحي كلها، إذ تشرف في بداية رسالته بالرؤيا الصادقة والنفث في الروع أي القلب، ثم بإرسال الملك جبريل عليه السلام إليه، ثم تكليمه ليلة الإسراء، وزاده اللّه شرفا على سائر الرسل بالرؤيا الدنيوية.


الصفحة التالية
Icon