قال بعضهم: يُخفونه من الذل الذى بهم، وقال بعضهم: نظروا إلى النار بقلوبهم، وَلم يروها بأعينهم لأنهم يحشرون عمياً.
﴿ فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ ﴾
وقوله: ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ...﴾.
وإنما ذكر قبلهم الإنسان مفرداً، والإنسان يكون واحداً، وفى معنى جمع فردّ الهاء والميم على التأويل، ومثل قوله: ﴿وَخُلِقَ الإنْسَانُ ضَعِيفاً﴾ يراد به: كل الناس، ولذلك جاز فيه الاستثناء وهو موحّد فى اللفظ كقول الله ﴿إنَّ الإنسانَ لَفِى خُسْرٍ إلا الذين آمنوا﴾، ومثله: ﴿وَكَمْ مِّنْ مَلَكٍ فِى السّماواتِ﴾ ثم قال: ﴿لاَ تُغْنِى شَفَاعَتُهُمْ﴾ وإنما ذكر ملكا ؛ لأنه فى تأويل جمع.
﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ ﴾
وقوله: ﴿يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً...﴾.
محضاً لا ذكور فيهن، ويهب لمن يشاء الذكور محضاً لا إناث فيهم، أو يزوجهم يقول: يجعل بعضهم بنين، ويجعل بعضهم بنات ذلك التزويج فى هذا الموضع. والعرب تقول: له بنون شِطْرة إذا كان نصفهم ذكوراً، ونصفهم إناثاً، ومعنى هذا - والله أعلم - كمعنى ما فى كتاب الله.
﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾
وقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً...﴾.