قال أبو الحسن: "انشدني يونس هذا البيت هكذا وجعل ﴿الَّذِي يُبَشِّرُ﴾ اسما للفعل كأنه "التَبْشِير" كما قال ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ أي: اصدع بالأمر. ولا يكون ان تضمر فيها الباء وتحذفها لأنك لا تقول "كَلِّمْ الذِي مَرَرْتُ" وانت تريد "بِهِ".
﴿ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾
وقوله ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ أي: استجاب. فجعلهم هم الفاعلين.
﴿ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ﴾
وقال ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ اما اللام التي في ﴿وَلَمَن صَبَرَ﴾ فلام الابتداء واما ذلك فمعناه - و الله أعلم - ان ذلك منه لمن عزم الأمور. وقد تقول:"مَرَرْتُ بدارٍ الذراعُ بِدِرْهَمٍ" أي. الذراع مِنْهَا بِدِرْهَمٍ" و: "مررت بِبُرٍّ قفيزٌ بدرهم" أي: "قَفيزٌ منه" واما ابتداء "إن" في هذا الموضوع فكمثل ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ﴾ يجوز ابتداء مثل هذا اذا طال الكلام في مثل هذا الموضع.[١٦٩]
﴿ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلاَ إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ ﴾
وقال ﴿يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ جعل "الطَرْفَ" العين كأنه قال "ونظرهم من عين ضعيفة" - و الله أعلم - وقال يونس: "ان ﴿مِن طَرْفٍ﴾ مثل: "بِطَرْفٍ" كما تقول العرب: "ضربتُه في السَّيْف" و"بِالسَّيْفِ".
﴿ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ ﴾


الصفحة التالية
Icon