"وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ" اللّه ولا فائتينه عن أن يصيبكم بذنوبكم بل هو قادر عليكم لا تستطيعون الهرب من قضائه والتفلّت من قبضته "وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ" إذا أراد معاجلتتكم بالعقوبة "مِنْ وَلِيٍّ" يدافع عنكم "وَلا نَصِيرٍ" ٣١ ينصركم ويحميكم منه "وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ" السفن الجاريات على الماء "فِي الْبَحْرِ" والأنهار التي هي في عظمها "كَالْأَعْلامِ" ٣٢ الجبال العالية وأصل العلم بفتح العين الأثر الذي يعلم به الشيء كعلم الطريق والجيش، ولذلك سمي الجبل علما سواء كان عليه نار كما قالت الخنساء :
وإن صخرا لنأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
أو لم يكن قيل إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم لما سمع قولها هذا قال قاتلها اللّه ما رضيت بتشبيهه بالجبل حتى جعلت على رأسه نارا.
وهذه الآية من الإخبار بالغيب أيضا، لأنه عند نزولها لم تكن هذه المراكب الضخمة، والبواخر العظيمة التي هي حقيقة في كبرها كالجبال، فسبحان من أودع كتابه ما كان وما يكون إلى يوم القيامة وما بعده، لأن فيه ما يكون من حالتي أهل الجنة والنار بعد يوم القيامة أيضا، قال تعالى "إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ" تلك السفن "رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ" أي البحر أو النهر، لأن السفن إذ ذاك والآن أيضا تجريها الرياح بالشراع "فإذا سكنت وقفت بخلاف سفينة سيدنا نوح الجسيمة التي كان سيرها ووقوفها بكلمة اسم اللّه راجع الآية ٤٦ من سورة هود المارة، وهذا معجزة له


الصفحة التالية
Icon