الحكم الشرعي : هو أن للقاضي أن يعزر من استحق التعزير بشتم غير القذف، وكذا للزوج أن يعزر زوجته على شتمها غير محرم، وقد يغلب في التعزير حق العبد فيجوز فيه الإبراء والعفو واليمين والشهادة على الشهادة وشهادة رجل وامرأتين، وقد يكون حقا محضا للّه فلا عفو فيه إلا إذا علم الإمام انزجار الفاعل فله ذلك، وإذا لم تطاوع نفسه على العفو فعليه السكوت حالئذ لئلا يفرط منه ما لا يتلافى فهو سبيل السلامة قال أحمد بن عبيد :
لعمرك ما شهود الناس إلا بلاء والسلامة في الغياب
فغب ما استطعت إلا عن كريم يرى لقياك من خير الطلاب
يهدّي إن دللت على صواب ويهدي إن زللت إلى الصواب
ويهدي بصدر هذا البيت بمعنى يهتدي.
وسيأتي لهذا البحث صلة عند قوله تعالى (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ) الآية ١٧٨ من سورة البقرة في ج ٣ إن شاء اللّه "وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ" يتولى أمره ويهديه إلى رشده "مِنْ بَعْدِهِ" كما أن من يهديه فما له من مضل "وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ" يوم القيامة "يَقُولُونَ" يسألون ربهم ثم بين صورة سؤالهم بقوله عزّ قوله
"هَلْ إِلى مَرَدٍّ" إلى الدنيا لنعمل صالحا وهل "مِنْ سَبِيلٍ" ٤٤ إلى ذلك لنؤمن باللّه ورسله وكتبه فلا يجابون إلى طلبهم "وَتَراهُمْ" يا سيد الرسل "يُعْرَضُونَ عَلَيْها" أي النار المستفادة من لفظ العذاب آنفا "خاشِعِينَ" متقاصرين متضائلين خاشعين "مِنَ الذُّلِّ" الذي رأوه والهوان الذي حلّ بهم "يَنْظُرُونَ" إلى النار القادمين إليها "مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ" أي بمسارقة لشدة الخوف كنظر المقتول إلى الجلاد والتيس إلى الجزار والمحكوم بالإعدام إلى المشنقة.


الصفحة التالية
Icon