﴿ والذين آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا ﴾ أي خائفون وَجِلون لاستقصارهم أنفسهم مع الجهد في الطاعة ؛ كما قال :﴿ والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ].
﴿ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الحق ﴾ أي التي لا شك فيها.
﴿ أَلاَ إِنَّ الذين يُمَارُونَ فَي الساعة ﴾ أي يشكّون ويخاصمون في قيام الساعة.
﴿ لَفِي ضَلاَلَ بَعِيدٍ ﴾ أي عن الحق وطريق الاعتبار ؛ إذ لو تذكّروا لعلموا أن الذي أنشأهم من تراب ثم من نطفة إلى أن بلغوا ما بلغوا، قادر على أن يبعثهم.
قوله تعالى :﴿ الله لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾ قال ابن عباس : حَفِيّ بهم.
وقال عكرمة : بارٌّ بهم.
وقال السدّيّ : رفيق بهم.
وقال مقاتل : لطيف بالبَرّ والفاجر ؛ حيث لم يقتلهم جوعاً بمعاصيهم.
وقال القُرَظيّ : لطيف بهم في العرض والمحاسبة.
قال :
غداً عند مَوْلَى الخلق للخلق موقفٌ...
يسائلهم فيه الجليل ويلطف
وقال جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين : يلطف بهم في الرزق من وجهين : أحدهما أنه جعل رزقك من الطيبات.
والثاني أنه لم يدفعه إليك مرة واحدة فتبذره.
وقال الحسين بن الفضل : لطيف بهم في القرآن وتفصيله وتفسيره.
وقال الجُنيد : لطيف بأوليائه حتى عرفوه، ولو لطف بأعدائه لما جحدوه.
وقال محمد بن عليّ الكتّانيّ : اللطيف بمن لجأ إليه من عباده إذا يئس من الخلق توكّل عليه ورجع إليه، فحينئذ يقبله ويقبل عليه.
وجاء في حديث النبيّ ﷺ :" إن الله تعالى يطلع على القبور الدوارس فيقول جلّ وعز اِمّحت آثارهم واضمحلت صُوَرهم وبقي عليهم العذاب وأنا اللطيف وأنا أرحم الراحمين خففوا عنهم العذاب فيخفف عنهم العذاب " قال أبو عليّ الثقفِيّ رضي الله عنه :
أمرّ بأفناء القبور كأنني...
أخو فطنة والثوب فيه نحيف
ومن شقّ فاه الله قدّر رزقه...
وربّي بمن يلجأ إليه لطيف


الصفحة التالية
Icon