على الإيمان والأعمال الصالحات.
ثم قال تعالى :﴿ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير﴾ وهذا تصريح بأن الجزاء المرتب على العمل إنما حصل بطريق الفضل لا بطريق الاستحقاق.
ثم قال :﴿ذَلِكَ الذي يُبَشّرُ الله عِبَادَهُ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات﴾ قال صاحب "الكشاف" قرىء يبشر من بشره ويبشر من أبشره ويبشر من بشره.
واعلم أن هذه الآيات دالة على تعظيم حال الثواب من وجوه الأول : أن الله سبحانه رتب على الإيمان وعمل الصالحات روضات الجنات، والسلطان الذي هو أعظم الموجودات وأكرمهم إذا رتب على أعمال شاقة جزاء، دل ذلك على أن ذلك الجزاء قد بلغ إلى حيث لا يعلم كنهه إلا الله تعالى الثاني : أنه تعالى قال :﴿لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبّهِمْ﴾ وقوله ﴿لَهُم مَّا يَشَاءُونَ﴾ يدخل في باب غير المتناهي لأنه لا درجة إلا والإنسان يريد ما هو أعلى منهالثالث : أنه تعالى قال :﴿ذَلِكَ هُوَ الفضل الكبير﴾ والذي يحكم بكبره من له الكبرياء والعظمة على الإطلاق كان في غاية الكبر الرابع : أنه تعالى أعاد البشارة على سبيل التعظيم فقال :﴿الذي يُبَشّرُ الله عِبَادَهُ﴾ وذلك يدل أيضاً على غاية العظمة، نسأل الله الفوز بها والوصول إليها.
واعلم أنه تعالى لما أوحى إلى محمد ﷺ هذا الكتاب الشريف العالي وأودع فيه الثلاثة أقسام الدلائل وأصناف التكاليف، ورتب على الطاعة الثواب، وعلى المعصية العقاب، بين أني لا أطلب منكم بسبب هذا التبليغ نفعاً عاجلاً ومطلوباً حاضراً، لئلا يتخيل جاهل أن مقصود محمد ﷺ من هذا التبليغ المال والجاه فقال :﴿قُل لاَّ أَسْألُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودة فِي القربى﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
ذكر الناس في هذه الآية ثلاثة أقوال :