الأول : أنه تعالى حكى عن أكثر الأنبياء عليهم السلام أنهم صرّحوا بنفي طلب الأجرة، فذكر في قصة نوح عليه السلام ﴿وَمَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ على رَبّ العالمين﴾ [ الشعراء : ١٠٩ ] وكذا في قصة هود وصالح، وفي قصة لوط وشعيب عليهم السلام، ورسولنا أفضل من سائر الأنبياء عليهم السلام فكان بأن لا يطلب الأجر على النوبة والرسالة أولى الثاني : أنه ﷺ صرح بنفي طلب الأجر في سائر الآيات فقال :﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ [ سبأ : ٤٧ ] وقال :﴿قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المتكلفين﴾ [ ص : ٨٦ ] الثالث : العقل يدل عليه وذلك لأن ذلك التبليغ كان واجباً عليه قال تعالى :﴿بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [ المائدة : ٦٧ ] وطلب الأجر على أداء الواجب لا يليق بأقل الناس فضلاً عن أعلم العلماء الرابع : أن النبوة أفضل من الحكمة وقد قال تعالى في صفة الحكمة ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [ البقرة : ٢٦٩ ] وقال في صفة الدنيا ﴿قُلْ متاع الدنيا قَلِيلٌ﴾ [ النساء : ٧٧ ] فكيف يحسن في العقل مقابلة أشرف الأشياء بأخس الأشياء الخامس : أن طلب الأجر كان يوجب التهمة، وذلك ينافي القطع بصحة النبوة، فثبت بهذه الوجوه أنه لا يجوز من النبي ﷺ أن يطلب أجراً ألبتة على التبليغ والرسالة، وظاهر هذه الآية يقتضي أنه طلب أجراً على التبليغ والرسالة، وهو المودة في القربى هذا تقرير السؤال، والجواب عنه : أنه لا نزاع في أنه لا يجوز طلب الأجر على التبليغ والرسالة، بقي قوله ﴿إِلاَّ المودة فِى القربى﴾ نقول الجواب عنه من وجهين الأول : أن هذا من باب قوله :
ولا عيب غير أن سيوفهم.. بها من قراع الدارعين فلول


الصفحة التالية
Icon