﴿ أَوْ يُوبِقْهُنَّ ﴾ عطف على ﴿ يُسْكِنِ ﴾ [ الشورى : ٣٣ ] أي أو يهلكهن بارسال الريح العاصفة المغرقة، والمراد على ما قال غير واحد اهلاك أهلها إما بتقدير مضاف أو بالتجوز باطلاق الملح على حاله أو بطريق الكناية لأنه يلزم من إهلاكها إهلاك من فيها والقرينة على إرادة ذلك قوله تعالى :﴿ بِمَا كَسَبُواْ ﴾ وأصله أو يرسلها أي الريح فيوبقهن لأنه قسيم يسكن فاقتصر فيه على المقصود من إرسالها عاصفة وهو إما إهلاكهم أو انجاؤهم المراد من قوله تعالى :﴿ وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ ﴾ إذا المعنى أو يرسلها فيوبق ناساً بذنوبهم وينج ناساً على طريق العفو عنهم وبهذا ظهر وجه جزم ﴿ يعف ﴾ لأنه بمعنى ينج معطوف على يوبق، ويعلم وجه عطف بالواو لأنه مندرج في القسيم وهو ارسالها عاصفة، وعلى هذا التفسير تكون الآية متضمنة لإسكانها ولإرسالها عاصفة مع الإهلاك والإنجاء وإرسالها باعتدال معلوم من قوله سبحانه الجواري فإنها المطلوب الأصلي منها.
وقال بعض الأجلة : التحقيق أن ﴿ يعف ﴾ عطف على قوله تعالى :﴿ يُسْكِنِ الريح ﴾ [ الشورى : ٣٣ ] إلى قوله سبحانه :﴿ بِمَا كَسَبُواْ ﴾ ولذا عطف بالواو لا بأو والمعنى إن يشأ يعاقبهم بالإسكان أو الاعصاف وإن يشأ يعف عن كثير.
وجوز بعضهم حمل ﴿ يُوبِقْهُنَّ ﴾ على ظاهره لأن السفن من جملة أموالهم التي هلاكها والخسارة فيها بذنوبهم أيضاً وجعل الآية مثل قوله تعالى :﴿ وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ ﴾ [ الشورى : ٣٠ ] الخ.