واعترض بأن التخصيص بالمجادلين في هذا التحذير غير لائح، وأيضاً علمهم بأن لا محيص من عذاب الله تعالى على تقدير عصف الريح بأهل السفن على سبيل العبرة ولا اختصاص لها بهم ولا بهذا المقدور خاصة.
وأجيب عن الأول بأن التخصيص بالمجادلين لأنهم أولى بالتحذير، وعن الأخير بأنه أريد أن البر والبحر لا ينجيان من بأسه عز وجل فهو تعميم، واختار في الكشف كون التخريج على أن الآية في الكافرين بمعنى إن يشيعصف الريح فيغرق بعضهم وينج آخرين منهم عفواً ويعلموا ما لهم من محيص فلا يغتروا بالنجاة والعفو في هذه المرة، فالمجادلون هم الكثير الناجون أو بعضهم وهو على منوال قوله تعالى :﴿ أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أخرى ﴾ [ الإسراء : ٦٩ ] الآية، ومن مجموع ما سمعت يلوح لك ضعف هذه القراءة ولهذا لم يقرى بها في السبعة، والظاهر على القراءات الثلاث أن فاعل ﴿ يَعْلَمُ الذين ﴾ وجملة ﴿ مَا لَهُمْ مّن مَّحِيصٍ ﴾ سادة مسد المفعولين.
وفي الدر المصون أن الجملة في قراءة الرفع تحتمل الفعلية وتحتمل الاسمية أي وهو يعلم الذين، ولا يخفى أن الظاهر على الاهتمال الثاني كون "الذين" مفعولاً أولاً والجملة مفعولاً ثانياً والفاعل ضمير تعالى المستتر، وأوجب بعضهم هذا على قراءة الجزم وعطف "يعلم" على "يعف" لئلا يخرج الكلام عن الانتظام ويظهر قصد التحذير لشيوع أن علم الله تعالى يكون كناية عن المجازاة وهو كما ترى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٥ صـ ﴾