وقوله :﴿ والذين يجتنبون ﴾ عطف على قوله :﴿ الذين آمنوا ﴾. وقرأ جمهور الناس :" كبائر " على الجمع. قال الحسن : هي كل ما توعد فيه بالنار. وقال الضحاك : أو كان فيه حد من الحدود. وقال ابن مسعود : الكبائر من أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية. وقال علي وابن عباس : هي كل ما ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب. وقرأ حمزة والكسائي وعاصم :" كبير " على الإفراد الذي هو اسم الجنس. وقال ابن عباس : كبير الإثم : هو الشرك. ﴿ والفواحش ﴾ قال السدي : الزنا. وقال مقاتل : موجبات الحدود، ويحتمل أن يكون كبير اسم جنس بمعنى كبائر، فتدخل موبقات السبع على ما قد تفسر من أمرها في غير هذه.
وقوله تعالى :﴿ وإذا ما غضبوا هم يغفرون ﴾ حض على كسر الغضب والتدرب في إطفائه، إذ هو جمهرة من جهنم وباب من أبوابها، " وقال رجل للنبي ﷺ : أوصني، قال : لا تغضب، قال : زدني، قال : لا تغضب. قال : زدني : قال : لا تغضب ومن جاهد هذا العارض من نفسه حتى غلبه فقد كفي هماً عظيماً في دنياه وآخرته ".
وقوله تعالى :﴿ والذين استجابوا ﴾ مدح لكل من آمن بالله وقبل شرعه، ومدح تعالى القوم الذين أمرهم شورى بينهم، لأن في ذلك اجتماع الكلمة والتحاب واتصال الأيدي والتعاضد على الخير، وفي الحديث :" ما تشاور قوم إلا هدوا لأحسن ما بحضرتهم ".
وقوله :﴿ ومما رزقناهم ينفقون ﴾ معناه في سبيل الله وبرسم الشرع وعلى حدوده، وفي القوام الذي مدحه تعالى في غير هذه الآية. وقال ابن زيد قوله تعالى :﴿ والذين استجابوا لربهم ﴾ الآية نزلت في الأنصار، والظاهر أن الله تعالى مدح كل من اتصف بهذه الصفة كائناً من كان، وهل حصل الأنصار في هذه الصفة إلا بعد سبق المهاجرين لها رضي الله تعالى عن جميعهم بمنه.
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)