وقال بعض العقلاء : ما أخطأت قط إذا حَزَبَني أمر شاورت قومي ففعلت الذي يرون ؛ فإن أصبت فهم المصيبون، وإن أخطأت فهم المخطئون.
الثالثة قد مضى في "آل عمران" ما تضمنته الشورى من الأحكام عند قوله تعالى :﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمر ﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ].
والمَشُورة بركة.
والمَشْوَرة : الشُّورَى، وكذلك المشُورة ( بضم الشين ) ؛ تقول منه : شاورته في الأمر واستشرته بمعنًى.
وروى الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" إذا كان أمراؤكم خيارَكم وأغنياؤكم سمحاءَكم وأمْرُكم شُورَى بينكم فظَهْر الأرض خير لكم من بطنها وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءَكم وأمورُكم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها " قال حديث غريب.
﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ أي ومما أعطيناهم يتصدقون.
وقد تقدّم في "البقرة".
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) ﴾
فيه إحدى عشرة مسألة :
الأولى قوله تعالى :﴿ والذين إِذَآ أَصَابَهُمُ البغي ﴾ أي أصابهم بغي المشركين.
قال ابن عباس : وذلك أن المشركين بَغَوْا على رسول الله ﷺ وعلى أصحابه وآذوهم وأخرجوهم من مكة، فأذن الله لهم بالخروج ومكن لهم في الأرض ونصرهم على من بغى عليهم ؛ وذلك قوله في سورة الحج :﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الذين أُخْرِجُواْ ﴾ [ الحج : ٣٩ - ٤٠ ] الآيات كلها.
وقيل : هو عام في بَغْي كل باغ من كافر وغيره، أي إذا نالهم ظلم من ظالم لم يستسلموا لظلمه.
وهذه إشارة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود.