وأما الاستجابة لله فهي ثابتة لجميع من آمن بالله لأن الاستجابة لله هي الاستجابة لدعوة النبي ﷺ فإنه دعاهم إلى الإسلام مبلِّغاً عن الله فكأنَّ الله دعاهم إليه فاستجابوا لدعوته.
والسين والتاء في ﴿ استجابوا ﴾ للمبالغة في الإجابة، أي هي إجابة لا يخالطها كراهية ولا تردد.
ولام له للتقوية يقال : استجاب له كما يقال : استجابه، فالظاهر أنه أريد منه استجابة خاصة، وهي إجابة المبادرة مثل أبي بكر وخديجة وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص ونقباء الأنصار أصحاب ليلة العقبة.
وجُعلت ﴿ وأمرهم شورى بينهم ﴾ عطفاً على الصلة.
وقد عرف الأنصار بذلك إذ كان التشاور في الأمور عادتهم فإذا نزل بهم مهمٌّ اجتمعوا وتشاوروا وكان من تشاورهم الذي أثنى الله عليهم به هو تشاورهم حين ورد إليهم نقباؤُهم وأخبروهم بدعوة محمد ﷺ بعد أن آمنوا هم به ليلة العقبة، فلما أبلغوهم ذلك اجتمعوا في دار أبي أيوب الأنصاري فأجمع رأيهم على الإيمان به والنصر له.
وإذ قد كانت الشورى مفضية إلى الرشد والصواب وكان من أفضل آثارها أن اهتدى بسببها الأنصار إلى الإسلام أثنى الله بها على الإطلاق دون تقييد بالشورى الخاصَّة التي تشاور بها الأنصار في الإيمان وأيُّ أمر أعظم من أمر الإيمان.
والأمر : اسم من أسماء الأجناس العامة مثل : شيءٍ وحادثثٍ.
وإضافة اسم الجنس قد تفيد العموم بمعونة المقام، أي جميع أمورهم متشاور فيها بينهم.
والإخبار عن الأمر بأنه شورى من قبيل الإخبار بالمصدر للمبالغة.
والإسناد مجاز عقلي لأن الشورى تسند للمتشاورين، وأما الأمر فهو ظرف مجازي للشورى، ألا ترى أنه يقال : تشاورا في كذا، قال تعالى :﴿ وشاورهم في الأمر فاجتمع في قوله : وأمرهم شورى ﴾ مجاز عقلي واستعارة تبعية ومبالغة.


الصفحة التالية
Icon