﴿ وَهُوَ الذى يُنَزّلُ الغيث ﴾ أي المطرَ الذي يغيثُهم من الجدب ولذلك خُصَّ بالنافعِ منه. وقرىء يُنزل من الانزال ﴿ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ ﴾ يئسوا منه وتقييدُ تنزيلِه بذلكَ مع تحققه بدونه أيضاً لتذكر كمالِ النعمةِ. وقُرِىءَ بكسر النون ﴿ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ﴾ أيْ بركاتِ الغيثِ ومنافعَهُ في كلِّ شيءٍ من السهلِ والجبلِ والنباتِ والحيوانِ، أو رحمتَهُ الواسعةَ المنتظمةَ لَما ذُكِرَ انتظاماً أولياً ﴿ وَهُوَ الولى ﴾ الذي يتولَّى عبادَهُ بالإحسان ونشرِ الرحمة ﴿ الحميد ﴾ المستحقُ للحمدِ على ذلك لا غيرُهُ. ﴿ وَمِنْ ءاياته خَلْقُ السموات والأرض ﴾ على ما هُما عليهِ من تعاجيب الصنائع فإنَّها بذاتها وصفاتِها تدلُّ على شؤونه العظيمةِ ﴿ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا ﴾ عطفٌ على السموات أو الخلق ﴿ مِن دَابَّةٍ ﴾ من حَيَ، على إطلاقِ اسمِ المُسبَّبِ على السببِ أو ممَّا يدبُّ على الأرضِ فإنَّ ما يختصُّ بأحد الشيئين المتجاورين يصحُّ نسبتُه إليهما كَما في قولِه تعالَى :﴿ يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ﴾ وإنما يخرجُ من المِلحِ. وقد جُوِّز أنْ يكونَ للملائكة عليهم السَّلامُ مشيٌ مع الطيرانِ فيوصفُوا بالدبيب وأن يخلقَ الله في السماءِ حيواناً يمشُونَ فيها مشيَ الأنَاسيِّ على الأرض كما ينبىءُ عنْهُ قولُه تعالى :﴿ وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ وقد رُويَ أن النبيَّ ﷺ قال :" فوقَ السماءِ السابعةِ بحرٌ من أسفله وأعلاهُ كَما بينَ السماءِ والأرضِ ثمَّ فوقَ ذلكَ ثمانيةُ أوعالٍ بين رُكَبهن وأظلافهنَّ كما بينَ السماءِ والأرضِ ثم فوقَ ذلكَ العرشُ العظيمُ " ".


الصفحة التالية
Icon