وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾
﴿ أم لهم شركاء ﴾ : استفهام تقرير وتوبيخ.
لما ذكر تعالى أنه شرع للناس ﴿ ما وصى به نوحاً ﴾ الآية، أخذ ينكر ما شرع غيره تعالى.
والشركاء هنا يحتمل أن يراد به شركاؤهم في الكفر، كالشياطين والمغوين من الناس.
والضمير في شرعوا عائد على الشركاء، والضمير في لهم عائد على الكفار المعاصرين للرسول ؛ ويحتمل أن يراد به الأصنام والأوثان وكل من جعلوه شريكاً لله.
وأضيف الشركاء إليهم لأنهم متخذوها شركاء لله، فتارة تضاف إليهم بهذه الملابسة، وتارة إلى الله.
والضمير في شرعوا يحتمل أن يعود على الشركاء، ولهم عائد على الكفار، لما كانت سبباً لضلالهم وافتتانهم جعلت شارعة لدين الكفر، كما قال إبراهيم عليه السلام :﴿ رب إنهن أضللن كثيراً من الناس ﴾ واحتمل أن يعود على الكفار، ولهم عائد على الشركاء، أي شرع الكفار لأصنامهم ومعبوداتهم، أي رسموا لهم غواية وأحكاماً في المعتقدات، كقولهم : إنهم آلهة، وإن عبادتهم تقربهم إلى الله ؛ ومن الأحكام البحيرة والوصيلة والحامي وغير ذلك.
﴿ ولولا كلمة الفصل ﴾ : أي العدة بأن الفصل في الآخرة، أو لولا القضاء بذلك لقضي بين المؤمن والكافر، أو بين المشركين وشركائهم.
وقرأ الجمهور :﴿ إن الظالمين ﴾، بكسر الهمزة على الاستئناف والإخبار، بما ينالهم في الدنيا من القتل والأسر والنهب، وفي الآخرة النار.


الصفحة التالية
Icon