فصل


قال الفخر :
ولما ذكر الله إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بضدها أتبع ذلك بقوله ﴿للَّهِ مُلْكُ السموات والأرض﴾ والمقصود منه أن لا يغتر الإنسان بما ملكه من المال والجاه بل إذا علم أن الكل ملك الله وملكه، وأنه إنما حصل ذلك القدر تحت يده لأن الله أنعم عليه به فحينئذٍ يصير ذلك حاملاً له على مزيد الطاعة والخدمة، وأما إذا اعتقد أن تلك النعم، إنما تحصل بسبب عقله وجده واجتهاده بقي مغروراً بنفسه معرضاً عن طاعة الله تعالى، ثم ذكر من أقسام تصرف الله في العالم أنه يخص البعض بالأولاد والإناث والبعض بالذكور والبعض بهما والبعض بأن يجعله محروماً من الكل، وهو المراد من قوله ﴿ويجعل من يشاء عقيماً ﴾.
واعلم أن أهل الطبائع يقولون السبب في حدوث الولد صلاح حال النطفة والرحم وسبب الذكورة استيلاء الحرارة، وسبب الأنوثة استيلاء البرودة، وقد ذكرنا هذا الفصل بالاستقصاء التام في سورة النحل، وأبطلناه بالدلائل اليقينية، وظهر أن ذكل من الله تعالى لا أنه من الطبائع والأنجم والأفلاك وفي الآية سؤالات :
السؤال الأول : أنه قدم الإناث في الذكر على الذكور فقال :﴿يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إناثا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذكور﴾ ثم في الآية الثانية قدم الذكور على الإناث فقال :﴿أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وإناثا﴾ فما السبب في هذا التقديم والتأخير ؟
السؤال الثاني : أنه ذكر الإناث على سبيل التنكير فقال :﴿يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إناثا﴾ وذلك الذكور بلفظ التعريف فقال :﴿وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذكور﴾ فما السبب في هذا الفرق ؟.
السؤال الثالث : لم قال في إعطاء الإناث وحدهن، وفي إعطاء الذكور وحدهم بلفظ الهبة فقال :﴿يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إناثا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذكور﴾ وقال في إعطاء الصنفين معاً ﴿أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وإناثا ﴾.


الصفحة التالية
Icon