وأهل المدينة ﴿ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ ﴾ برفع الفعلين ووجهوا ذلك بأنه على إضمار مبتدأ أي هو يرسل أو هو معطوف على ﴿ وَحْياً ﴾ أو على ما يتعلق به ﴿ مِن وَرَاء ﴾ بناءً على أن تقديره أو يسمع من وراء حجاب، وقال العلامة الثاني : إن التوجيه الثاني وما بعده ظاهر وهو عطف الجملة الفعلية الحالية على الحال المفردة، وأما إضمار المبتدأ فإن حمل على هذا فتقدير المبتدأ لغو، وإن أريد أنها مستأنفة فلا يظهر ما يعطف عليه سوى ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ ﴾ الخ وليس بحسن الانتظام.
وتعقب بأنه يجوز أن يكون تقدير المبتدأ مع اعتبار الحالية بناءً على أن الجملة الاسمية التي الخبر فيها جملة فعلية تفيد ما لا تفيده الفعلية الصرفة مما يناسب حال إرسال الرسول، أو يقال : لا نسلم أن العطف على ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ ﴾ ليس بحسن الانتظام، وفيه دغدغة لا تخفى، وفي الآية على ما قال ابن عطية دليل على أن من حلف أن لا يكلم فلاناً فراسله حنث لاستثنائه تعالى الإرسال من الكلام، ونقله الجلال السيوطي في أحكام القرآن عن مالك وفيه بحث والله تعالى الهادي.
﴿ إِنَّهُ عَلِىٌّ ﴾ متعال عن صفات المخلوقين ﴿ حَكِيمٌ ﴾ يجري سبحانه أفعاله على سنن الحكمة فيكلم تارة بواسطة وأخرى بدونها إما إلهاماً وإما خطاباً أو إما عياناً وإما خطاباً من وراء حجاب على ما يقتضيه الاختلاف السابق في تفسير الآية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٢٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon