وان هذين الحديثين لا حجة فيهما، لأن اليهود والنصارى من أهل الكتاب الذين لا يقولون بنبوة عيسى وكونه ثالث ثلاثة ولا بإلهيته، والذين لا يقولون بنبوة عزير وبالبداء على اللّه من اليهود وليسوا من الكفار والمشركين مع اللّه غيره المعهودين بقوله تعالى :(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ٨٩ عاقبة أمرهم وسوء صنيعهم وقبيح اعتقادهم وفساد آمالهم وخيبة رجائهم لأنها بحقهم خاصة لا دخل لأهل الكتابين بها والأولى بالسياق أن يكون سلام متاركة مثل سلام ابراهيم عليه السلام لأبيه، كما مر في الآية ٤٧ من سورة مريم في ج ١.
هذا، وما قيل ان هذه الآية منسوخة بآية السيف قيل غير سديد، قال الإمام : وعندي أن التزام النسخ في أمثال هذه المواضع مشكل، لأن الأمر
لا يفيد الفعل الا مرة واحدة، فإذا أتى به مرة واحدة فقد سقطت دلالة اللفظ فأي حاجة فيه إلى التزام النسخ، ومثله يمين الفور فهي مشهورة عند الفقهاء، وهي دالة على أن اللفظ المطلق قد يتقيد بحسب قرينة العرف، وإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة فيه إلى التزام النسخ واللّه أعلم بالصواب واليه المرجع والمآب.
هذا واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة الا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا، آمين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٤ صـ ٦٠ ـ ٩٢﴾