ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب وابن مسعود "رضي الله عنهما" ويحيى والأعمش :"يَا مَالِ١".
قال أبو الفتح : هذا المذهب المألوف في الترخيم [١٤٥ظ]، إلا أن فيه في هذا الموضع سرا جديدا، وذلك أنهم - لعظم ما هم عليه - ضعفت قواهم، وذلت أنفسهم، وصغر كلامهم ؛ فكان هذا مواضع الاختصار ضرورة عليه، ووقوفا دون تجاوزه إلى ما يستعمله المالك لقوله، القادر على التصرف في منطقه.
ومن ذلك قراءة أبي عبد الرحمن اليماني :"فَأَنَا أَوَّلُ الْعَبِدِين٢".
قال أبو الفتح : معناه - والله أعلم - أول الأنفين. يقال : عبدت من الأمر أعبد عبدا، أي : أنفت منه. وهذا يشهد لقول من قال في القراءة الأخرى :"فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِين"، أي : الأنفين. ولم يذهب إلى أنه أول العابدين ؛ لأني لا أذهب إلى ما يذهبون إليه من أن معناه : أن كان للرحمن عندكم أنتم ولد فأنا أول من يعبده، لأن الأمر بخلاف ما قدرتموه أنتم. ،
ألا ترى أن العبدين من عبد يعبد؟ فإن قلت : فقد قال :
أصبح قلبي صردا لا يشتهي أن يردا
إلا عرادا عردا وصليانا بردا
وعنكثا ملتبدا٣
يريد عاردا وباردا، كما قال العجلي :
كأن في الفرش القتاد العاردا٣
قيل : إنما جاز في الضرورة ؛ لأن القافية غير مؤسسة، فحذف الألف ضرورة كما حذفها الآخر من قوله :
مثل النقا لده ضرب الطلل٤
يريد الطلال، كما قال القحيف العقيلي :
ديار الحي يضربها الطلال بها أهل من الخافي ومال٤
٢ سورة الزخرف : ٨١.
٣ انظر الصفحة ١٧٢ من الجزء الأول.
٤ انظر الصفحة ١٨١ من الجزء الأول.