وفي هذه السورة يواجههم بمنطقهم هم ; ويحاجهم كذلك بمنطق الفطرة الواضح، حول هذه الأسطورةالتي لا تستند إلى شيء على الإطلاق:(وجعلوا له من عباده جزءاً إن الإنسان لكفور مبين.. أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين، وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم. أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ؟ وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، أشهدوا خلقهم ؟ ستكتب شهادتهم ويسألون. وقالوا: لو شاء الرحمن ما عبدناهم ! ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون. أم آتيناهم كتاباً من قبله فهم به مستمسكون ؟ بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون !)..
ولما قيل لهم: إنكم تعبدون أصناماً وأشجاراً وإنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم، وقيل لهم: إن كل معبود من دون الله هو وعابدوه في النار. حرفوا الكلام الواضح البين، واتخذوا منه مادة للجدل. وقالوا: فما بال عيسى وقد عبده قومه ؟ أهو في النار ؟! ثم قالوا: إن الأصنام تماثيل الملائكة والملائكة بنات الله. فنحن في عبادتنا لهم خير من عبادة النصارى لعيسى وهو بشر له طبيعة الناس !
وفي هذه السورة يكشف عن التوائهم في هذا الجدل ; ويبرى ء عيسى - عليه السلام - مما ارتكبه أتباعه من بعده وهو منه بريء:(ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون. وقالوا: أآلهتنا خير أم هو ؟ ما ضربوه لك إلا جدلاً. بل هم قوم خصمون. إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل...)..
وقد كانوا يزعمون أنهم على ملة أبيهم إبراهيم، وأنهم بذلك أهدى من أهل الكتاب وأفضل عقيدة. وهم في هذه الجاهلية الوثنية يخبطون.