قلت: إن الواحد فيه معنى الجمع، فرددت الظهور إلى المعنى ولم تقل: ظهره، فيكون كالواحد الذى معناه ولفظه واحد، فكذلك تقول: قد كثرت نساء الجند، وقلت: ورفع الجند أعينه ولا تقل عينه. وكذلك كل ما أضفت إليه من الأسماء الموضوعة، فأَخْرِجها على الجمع، فإذا أضفت إليه اسما فى معنى فعل جاز جمعه وتوحيده مثل قولك: رفع الجند صوته وأصواته أجود، وجاز هذا لأن الفعل لا صورة له فى الإثنين إلا كصورته فى الواحد.
وقوله: ﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ...﴾.
مطيقين، تقول للرجل: قد أقرنتَ لهذا أى أطقتَه، وصرتَ له قرِنا.
﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَانِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾
وقوله: ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً...﴾.
الفعل للوجه، فلذلك نصبت الفعل، ولو جعلت "ظلّ" للرجل رفعت الوجه والمسود، فقلت: ظل وجهه مسودٌّ وهو كظيم.
﴿ أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾
وقوله: ﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ...﴾.
يريد الإناث، يقول: خصصتم الرحمن بالبنات، وانتم هكذا إِذا ولد لأحدكم بنت أصابه ما وَصَف، فأما قوله: ﴿أومَنْ﴾ فكأنه قال: ومن لا ينشأ إلاّ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين، يقول: لا يبلغ من الحجة ما يبلغ الرجل، وفى قراءة عبدالله: "أَوَمَنْ لا يُنَشَّأُ إلاّ فى الْحِلْيَةِ"، فإن شئت [/ب] جعلت "مَن" فى موضع رفع على الاستئناف، وإن شئت نصبتها على إِضمار فعل يجعلون ونحوه، وإن رددتها على أول الكلام على قوله: "وإِذَ بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ" خفضتها [وإن شئت نصبتها]، وقرأ يحيى بن وثاب وأصحاب عبدالله والحسن البصرى: "يُنَشَّأُ"، وقرأ عاصم وأهل الحجازَ: ينْشَأُ فى الحلية:
﴿ وَجَعَلُواْ الْمَلاَئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾