قال تعالى على طريق الاستفهام الإنكاري "أَمِ اتَّخَذَ" لنفسه "مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ" وأنتم أيها الكفرة تأنفون منهن "وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ" ١٦ منهم أي كيف يؤثركم على نفسه لأن من يقدر على الاتخاذ يتخذ لنفسه الأحسن فكيف يجدر بهم أن يقولوا هذا "وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا" من جنس البنات وآثر ذكر الرحمن إعلاما بأنه لو لا سبق رحمته وسعتها لأهلكهم بهذا القول الذي لا يجوز نسبته له تعالى "ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا" صار مكفهرا من سوء ما بشر به "وَهُوَ كَظِيمٌ" ١٧ مملوء كربا وشدة حزن وغيظ وغم بحيث لا يكاد يتحمل أكثر مما هو فيه، قيل إن بعض العرب هجر زوجته لأنها جاءت ببنت فخاطبته بقولها :
ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنينا ليس لنا من أمرنا ماشينا
وإنما نأخذ ما أعطينا حكمة رب ذي اقتدار فينا
فلم يرد عليها لشدة غضبه.
قال تعالى توبيخا لهؤلاء الكفرة "أَ وَمَنْ يُنَشَّؤُا" بالتشديد مبينا للمفعول وقرىء بالتخفيف وقرىء يناشأ بالمفعول أيضا بمعنى الإنشاء
كالمغالات بمعنى الاغلاء أي يتربّى "فِي الْحِلْيَةِ" الزينة يريد البنات لأنهن يزخرفن بالحليّ ليرغب فيهن أو باعتبار أنهن ناقصات، ولهذا احتجن للتزيين "وَهُوَ" جنس البنات "فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ" ١٨ لضعف حالهن وقلة عقولهن، أي ألا ينسبوا للّه الولد الذكر القادر علي الخصومة والإتيان بالبرهان والحجة إذا كانوا لا بدّ ناسبين له تعالى ولدا، تعالى عن ذلك، أفضلوا أنفسهم عليه فجعلوا له البنت ولهم الولد، قاتلهم اللّه.