وهذه الآية نزلت في بيت المقدس قبل الهجرة زمن الإسراء، فتصير مكية أيضا، وهي "وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ" ٤٥ قال ابن عباس لما أسري بالنبي صلّى اللّه عليه وسلم بعث له آدم وولده من المرسلين، فأذن جبريل وأقام الصلاة، وقال يا محمد تقدم فصلّ بهم، فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل اسأل يا محمد وتلا الآية، ان قريشا زعمت أن للّه شريكا وأن الملائكة بناته، وزعمت اليهود والنصارى أن له ولدا، فاسأل هؤلاء الأنبياء جميعهم هل كان شيء من ذلك، فقال صلّى اللّه عليه وسلم لا أسأل قد اكتفيت.
وقالت عائشة رضي اللّه عنها : قال عليه السلام ما أنا بالذي أشك، وما أنا بالذي أسأل، فكان صلّى اللّه عليه وسلم أثبت يقينا من ذلك.
هذا، وقال أبو القاسم المفسر في كتابه التنزيل : نزلت هذه الآية في بيت المقدس ليلة المعراج، فلما أنزلت وسمعها الأنبياء عليهم السلام أقرّوا للّه تعالى بالوحدانية وقالوا بعثنا في التوحيد، وبهذا قال الزهري وسعيد بن جبير وابن زيد، وهذا القول أقوى وأوثق من القول بأنها نزلت في السماء ليلة المعراج، لأن الرسول صلّى اللّه عليه وسلم لم يصلّ بالأنبياء في السماء، وإنما صلى بالملائكة كما بيناه في قصة الإسراء والمعراج أول سورة الإسراء في ج ١، على أن ما وقع في المعراج لا يعد حجة لوجود الخلاف فيه بخلاف الإسراء المجمع عليه وعلى كفر من ينكره، وكانت الصلاة بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس.


الصفحة التالية
Icon