فمدها صلّى اللّه عليه وسلم وقبلها بحضور جم غفير وتناقلتها الركبان وشاع خبرها في مشارق الأرض ومغاربها، وألفت فيها الرسائل والمدائح، وقد رد الجلال السيوطي على منكري ذلك مستدلا بالحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي.
وأخرج الطبراني مثله من حديث مالك بن عبد اللّه الخثعمي ومن حديث أبي بكرة، وأخرج الدارمي مثله من حديث أبي قتادة وقال الإمام محمد بن أبي جمرة : هذا يدل على أن من يراه في النوم فسيراه في اليقظة، وان رؤيته بصفته المعلومة إدراك الحقيقة، ورؤيته على غير صفته إدراك للخيال.
هذا، وقد جاء في الخبر : ما من مسلم يسلم عليّ إلا ردّ اللّه تعالى عليّ روحي حتى أرد عليه السلام.
وأخرج بن عدي عن أنس : بينا نحن مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إذ رأينا بردا ويدا، فقلنا يا رسول اللّه ما هذا البرد الذي رأينا واليد ؟ قال قد رأيتموه ؟ قالوا نعم، قال ذلك عيسى بن مريم سلم علي.
وفي رواية ابن عسكر عنه كنت أطوف مع النبي صلّى اللّه عليه وسلم حول الكعبة إذ رأيته صافح شيئا لم أره، قلنا يا رسول اللّه رأيناك صافحت شيئا ولا نراه، قال ذلك أخي عيسى بن مريم انتظرته حتى قضى طوافه فسلمت عليه.