﴿ وَإِن كَانَتْ ﴾ أي : التولية إليها أو الجعلة أو التحويلة :﴿ لَكَبِيرَةً ﴾ أي : ثقيلة شاقة ؛ لأن مفارقة الإلف، بعد طمأنينة النفس إليه، أمر شاق جداً ﴿ إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ ﴾ قلوبهم، فأيقنوا بتصديق الرسول، وأن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه، وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم وما يريد. فله أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك، بخلاف الذين في قلوبهم مرض، فإنه كلما حدث أمر، أحدث لهم شكاً. كما يحصل، للذين آمنوا، إيقانٌ وتصديقٌ. كما قال تعالى :﴿ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سورة فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [ التوبة : ١٢٤ - ١٢٥ ]. وقال تعالى :﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً ﴾ [ الإسراء : ٨٢ ]. وقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾. هذا تطمين لمن صلى إلى بيت المقدس من المسلمين، ومن أهل الكتاب قبل النسخ، وبيان أنهم يثابون على ذلك. وقد روى البخاري من حديث أبي إسحاق المتقدم عن البراء : وكان الذي مات على القبلة، قبل أن تحوّل قبل البيت، رجال قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٤٣ ]، أي : صلاتكم، وإنما عدل إلى لفظ الإيمان، الذي هو عام في الصلاة وغيرها، ليفيدهم أنه لم يضع شيء مما عملوه، ثم يصح عنهم، فيندرج المسؤول عنه اندراجاً أولياً، ويكون الحكم كلياً. وذكر بلفظ الخطاب