ولما حرر ذلك وقرره بيّن أن العائبين لدينه بذلك من أهل الكتاب عالمون بحقية هذا التحويل وأنه من أعلام نبوته فقال :﴿وإن الذين أوتوا الكتاب﴾ أي من اليهود والنصارى، ولم يصفهم هنا بالسفه لإثبات العلم في قوله :﴿ليعلمون أنه﴾ أي هذا التحويل ﴿الحق﴾ أي ليس بعده في أمر القبلة حق آخر يرفعه أصلاً ﴿من ربهم﴾ أي المحسن إليهم بإرسال هذا الرسول الذي يرفع عنهم إصرهم وكانوا ينتظرون رسالته، فعندما أتاهم ردوا رحمته، وجعل ذلك سبحانه في سياق مهدد له مرج له ولأتباعه تسلية لهم وتثبيتاً وتقوية لعزائمهم وتمكيناً حيث ختم الآية بقوله :﴿وما الله﴾ أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿بغافل عما يعملون﴾ قال الحرالي : بالياء أي التحتانية إعراضاً عنهم، وبالتاء إقبالاً عليهم، ففيه إنباء بتماديهم على سوء أحوالهم في رتبتين : في متماد على سوء هدد فيه لما أقبل عليه، وفي متماد على أسوأ منه أوجب في تهديده الإعراض عنه والإقبال على غيره ممن لم يصل في السوء والمكائدة إلى ما وصل إليه المعرض عنه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٢٦٥ ـ ٢٦٧﴾