الْجَسَدِ، فَهِيَ رُوحَانِيَّةٌ جُسْمَانِيَّةٌ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ إِنَّهُ أَعْطَاهَا جَمِيعَ حُقُوقِ الْإِنْسَانِيَّةِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ جِسْمٌ وَرُوحٌ، حَيَوَانٌ وَمَلَكٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا تَعْرِفُونَ الْحَقَّيْنِ، وَتَبْلُغُونَ الْكَمَالَيْنِ (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ) بِالْحَقِّ (عَلَى النَّاسِ) الْجُسْمَانِيِّينَ بِمَا فَرَّطُوا فِي جَنْبِ الدِّينِ، وَالرُّوحَانِيِّينَ إِذْ أَفْرَطُوا وَكَانُوا مِنَ الْغَالِينَ، تَشْهَدُونَ عَلَى الْمُفَرِّطِينَ بِالتَّعْطِيلِ الْقَائِلِينَ :(مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) (٤٥ : ٢٤) بِأَنَّهُمْ أَخْلَدُوا إِلَى الْبَهِيمِيَّةِ، وَقَضَوْا عَلَى اسْتِعْدَادِهِمْ بِالْحِرْمَانِ مِنَ الْمَزَايَا الرُّوحَانِيَّةِ، وَتَشْهَدُونَ عَلَى الْمُفْرِطِينَ بِالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ الْقَائِلِينَ : إِنَّ هَذَا الْوُجُودَ حَبْسٌ لِلْأَرْوَاحِ وَعُقُوبَةٌ لَهَا.