سؤال : ما المراد بالذين أوتوا الكتاب ؟
الجواب : اختلفوا في قوله :﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾ فقال الأصم : المراد علماؤهم الذين أخبر الله تعالى عنهم في الآية المتقدمة بقوله :﴿وَإِنَّ الذين أُوتُواْ الكتاب لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحق مِن رَّبّهِمْ﴾ [البقرة : ١٤٤] واحتج عليه بوجوه. أحدها : قوله :﴿وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءهُم﴾ فوصفهم بأنهم يتبعون الهوى، ومن اعتقد في الباطل أنه حق فإنه لا يكون متبعاً لهوى النفس، بل يكون في ظنه أنه متبع للهدى فأما الذين يعلمون بقلوبهم، ثم ينكرون بألسنتهم، فهم المتبعون للهوى. وثانيها : أن ما قبل هذه الآية وهو قوله :﴿وَإِنَّ الذين أُوتُواْ الكتاب لِيَعْلَمُواْ أَنَّهُ الحق﴾ لا يتناول عوامهم بل هو مختص بالعلماء، وما بعدها وهو قوله :﴿الذين آتيناهم الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ﴾ [الأنعام : ٢٠] مختص بالعلماء أيضاً إذ لو كان عاماً في الكل امتنع الكتمان لأن الجمع العظيم لا يجوز عليهم الكتمان، وإذا كان ما قبلها وما بعدها خاصاً فكذا هذه الآية المتوسطة. وثالثها : أن الله تعالى أخبر عنهم بأنهم مصرون على قولهم، ومستمرون على باطلهم، وأنهم لا يرجعون عن ذلك المذهب بسبب شيء من الدلائل والآيات، وهذا شأن المعاند اللجوج، لا شأن المعاند المتحير. ورابعها : أنا لو حملناه على العموم لصارت الآية كذباً لأن كثيراً من أهل الكتاب آمن بمحمد ـ ﷺ ـ وتبع قبلته.