وقال العلامة الطاهر بن عاشور :
الضمير المنصوب في ﴿يَعْرِفُونه﴾ لا يعود إلى تحويل القبلة لأنه لو كان كذلك لصارت الجملة تكريراً لمضمون قوله :﴿وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم﴾، بل هو عائد إما إلى الرسول وإن لم يسبق ذكر لمعادٍ مناسبٍ لضمير الغيبة، لكنه قد علم من الكلام السابق وتكرر خطابه فيه من قوله :﴿وما جعلنا القبلة التي كنت عليها﴾ [البقرة : ١٤٣]، وقوله :﴿قد نرى تقلب وجهك﴾ [البقرة : ١٤٤]، وقوله :﴿فلنولينك قبلة﴾ [البقرة : ١٤٤]، وقوله :﴿فول وجهك﴾ [البقرة : ١٤٤] فالإتيان بالضمير بطريق الغيبة من الالتفات، وهو على تقدير مضاف أي يعرفون صِدْقَهُ، وإما أن يعود إلى ﴿الحق في قوله السابق : ليكتمون الحق﴾ فيشمل رسالة الرسول وجميعَ ما جاء به، وإما إلى العلم في قوله :﴿من بعد ما جاءك من العلم﴾ [البقرة : ١٤٥].
أهـ. ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٩﴾
سؤال : لم عدل عن أن يقال يعلمونه إلى ﴿يعرفونه﴾ ؟
الجواب : عدل عن أن يقال يعلمونه إلى ﴿يعرفونه﴾ لأن المعرفة تتعلق غالباً بالذوات والأمور المحسوسة قال تعالى :﴿تعرف في وجوههم نضرة النعيم﴾ [المطففين : ٢٤] وقال زهير :
... فَلأْياً عَرَفْتُ الدَّار بعد توهم
وتقول عرفت فلاناً ولا تقول عرفت عِلْم فلان، إلاّ إذا أردت أن علمه صار كالمشاهد عندك، ولهذا لا يعدى فعل العرفان إلى مفعولين كما تُعدى أفعال الظن والعلم، ولهذا يوصف الله تعالى بصفة العلم فيقال العليم، ولا يوصف بصفة المعرفة فلا يقال الله يعرف كذا، فالمعنى يعرفون صفات الرسول ـ ﷺ ـ وعلاماته المذكورة في كتبهم، ويعرفون الحق كالشيء المشاهد. أ هـ.
﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٤٠﴾
سؤال : لم خضص الذكور من الأبناء دون الإناث ؟