قد تجزىء الحرة المذكار أحيانا
قيل : هذا البيت مصنوع، وكذا قوله :
زوجها من بنات الأوس مجزئة...
ولما تقدم أنهم معترفون بأنه تعالى هو خالق العالم، أنكر عليهم جعلهم لله جزءاً، وقد اعترفوا بأنه هو الخالق، فكيف وصفوه بصفة المخلوق؟ ﴿ إن الإنسان لكفور ﴾ نعمة خالقه.
﴿ مبين ﴾ : مظهر لجحوده.
والمراد بالإنسان : من جعل لله جزءاً، وغيرهم من الكفرة.
قال ابن عطية : ومبين في هذا الموضع غير متعد. انتهى.
وليس يتعين ما ذكر، بل يجوز أن يكون معناه ظاهراً لكفران النعم ومظهراً لجحوده، كما قلنا.
﴿ أم اتخذ مما يخلق بنات ﴾ ؟ استفهام إنكار وتوبيخ لقلة عقولهم؟ كيف زعموا أنه تعالى اتخذ لنفسه ما أنتم تكرهونه حين أنتم تسود وجوهكم عند التبشير بهن وتئدونهن؟ ﴿ وأصفاكم ﴾ : جعل لكم صفوة ما هو محبوب، وذلك البنون.
وقوله :﴿ مما يخلق ﴾، تنبيه على استحالة الولد، ذكراً كان أو أنثى، وإن فرض اتخاذ الولد، فكيف يختار له الأدنى ويخصكم بالأعلى؟ وقدم البنات، لأنه المنكر عليهم لنسبتهن إلى الله، وعرف البنين دون البنات تشريفاً لهم على البنات.
﴿ وإذا بشر أحدهم ﴾ : تقدم تفسير نظيرها في سورة النحل.
﴿ أو من ينشؤا في الحلية ﴾ : أي ينتقل في عمره حالاً فحالاً في الحلية، وهو الحلى الذي لا يليق إلا بالإناث دون الفحول، لنزينهن بذلك لأزواجهن، وهو إن خاصم، لا يبين لضعف العقل ونقص التدبر والتأمل، أظهر بهذا لحقوقهن وشفوف البنين عليهن.
وكان في ذلك إشارة إلى أن الرجل لا يناسب له التزين كالمرأة، وأن يكون مخشوشناً.
والفحل من الرجال أبى أن يكون متصفاً بصفات النساء، والظاهر أنه أراد بمن ينشؤا في الحلية : النساء.
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي : ويدل عليه قوله :﴿ وهو في الخصام غير مبين ﴾ : أي لا يظهر حجة، ولا يقيم دليلاً، ولا يكشف عما في نفسه كشفاً واضحاً.


الصفحة التالية
Icon