فصل
قال الفخر :
﴿ حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) ﴾
اعلم أن قوله ﴿حم * والكتاب المبين﴾ يحتمل وجهين الأول : أن يكون التقدير هذه حام والكتاب المبين فيكون القسم واقعاً على أن هذه السورة هي سورة حام ويكون قوله ﴿إِنَّا جعلناه قُرْءَاناً عَرَبِيّاً﴾ ابتداء لكلام آخر الثاني : أن يكون التقدير هذه حام.
ثم قال :﴿والكتاب المبين * إِنَّا جعلناه قُرْءَاناً عَرَبِيّاً﴾ فيكون المقسم عليه هو قوله ﴿إِنَّا جعلناه قُرْءَاناً عَرَبِيّاً﴾ وفي المراد بالكتاب قولان أحدهما : أن المراد به القرآن، وعلى هذا التقدير فقد أقسم بالقرآن أنه جعله عربياً الثاني : أن المراد بالكتاب الكتابة والخط أقسم بالكتابة لكثرة ما فيها من المنافع، فإن العلوم إنما تكاملت بسبب الخط فإن المتقدم إذا استنبط علماً وأثبته في كتاب، وجاء المتأخر ووقف عليه أمكنه أن يزيد في استنباط الفوائد، فبهذا الطريق تكاثرت الفوائد وانتهت إلى الغايات العظيمة، وفي وصف الكتاب بكونه مبيناً من وجوه الأول : أنه المبين للذين أنزل إليهم لأنه بلغتهم ولسانهم والثاني : المبين هو الذي أبان طريق الهدى من طريق الضلالة وأبان كل باب عما سواه وجعلها مفصلة ملخصة.
واعلم أن وصفه بكونه مبيناً مجاز لأن المبين هو الله تعالى وسمي القرآن بذلك توسعاً من حيث إنه حصل البيان عنده.
أما قوله ﴿إِنَّا جعلناه قُرْءاناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :