الصفة الأولى : أنه أم الكتاب والسبب فيه أن أصل كل شيء أمه والقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ، ثم نقل إلى سماء الدنيا، ثم أنزل حالاً بحسب المصلحة، عن ابن عباس رضي الله عنه :" إن أول ما خلق الله القلم، فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق " (١) فالكتاب عنده فإن قيل وما الحكمة في خلق هذا اللوح المحفوظ مع أنه تعالى علاّم الغيوب ويستحيل عليه السهو والنسيان ؟ قلنا إنه تعالى لما أثبت في ذلك أحكام حوادث المخلوقات، ثم إن الملائكة يشاهدون أن جميع الحوادث إنما تحدث على موافقة ذلك المكتوب، استدلوا بذلك على كمال حكمة الله وعلمه.
الصفة الثانية : من صفات اللوح المحفوظ قوله ﴿لَدَيْنَا﴾ هكذا ذكره ابن عباس، وإنما خصه الله تعالى بهذا التشريف لكونه كتاباً جامعاً لأحوال جميع المحدثات، فكأنه الكتاب المشتمل على جميع ما يقع في ملك الله وملكوته، فلا جرم حصل له هذا التشريف، قال الواحدي، ويحتمل أن يكون هذا صفة القرآن والتقدير إنه لدينا في أم الكتاب.
الصفة الثالثة : كونه علياً والمعنى كونه عالياً عن وجوه الفساد والبطلان وقيل المراد كونه عالياً على جميع الكتب بسبب كونه معجزاً باقياً على وجه الدهر.
الصفة الرابعة : كونه حكيماً أي محكماً في أبواب البلاغة والفصاحة، وقيل حكيم أي ذو حكمة بالغة، وقيل إن هذه الصفات كلها صفات القرآن على ما ذكرناه والقول الثاني : في تفسير أم الكتاب أنه الآيات المحكمة لقوله تعالى :
﴿هُوَ الذى أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب مِنْهُ آيات محكمات هُنَّ أُمِّ الكتاب﴾ [ آل عمران : ٧ ] ومعناه أن سورة حام واقعة في الآيات المحكمة التي هي الأصل والأم.
ثم قال تعالى :﴿أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذكر صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ﴾ وفيه مسائل :