قوله تعالى :﴿ وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب ﴾ يعني القرآن في اللوح المحفوظ ﴿ لَدَيْنَا ﴾ عندنا ﴿ لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ أي رفيع محكم لا يوجد فيه اختلاف ولا تناقض ؛ قال الله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ ﴾ [ الواقعة : ٧٧ ٧٨ ] وقال تعالى :﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾ [ البروج : ٢١ - ٢٢ ].
وقال ابن جريج : المراد بقوله تعالى :"وَإِنَّهُ" أي أعمال الخلق من إيمان وكفر وطاعة ومعصية.
"لَعَلِيٌّ" أي رفيع عن أن ينال فيبدّل "حَكِيمٌ" أي محفوظ من نقص أو تغيير.
وقال ابن عباس : أوّل ما خلق الله القلم فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق ؛ فالكتاب عنده، ثم قرأ ﴿ وَإِنَّهُ في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾.
وكسرَ الهمزةَ من "أم الكتاب" حمزة والكسائي.
وضم الباقون، وقد تقدّم.
قوله تعالى :﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذكر صَفْحاً ﴾ يعني : القرآن ؛ عن الضحاك وغيره.
وقيل : المراد بالذكر العذاب ؛ أي أفنضرب عنكم العذاب ولا نعاقبكم على إسرافكم وكفركم ؛ قاله مجاهد وأبو صالح والسدي، ورواه العَوْفي عن ابن عباس.
وقال ابن عباس : المعنى أفحسبتم أن نصفح عنكم العذاب ولما تفعلوا ما أمرتم به.
وعنه أيضاً أن المعنى أتكذبون بالقرآن ولا تعاقبون.
وقال السدي أيضاً ؛ المعنى أفنترككم سُدًى فلا نأمركم ولا ننهاكم.
وقال قتادة : المعنى أفنهلككم ولا نأمركم ولا ننهاكم.
وعنه أيضاً : أفنمسك عن إنزال القرآن من قبل أنكم لا تؤمنون به فلا ننزله عليكم.
وقاله ابن زيد.
قال قتادة : والله لو كان هذا القرآن رفع حين ردّدته أوائل هذه الأمة لهلكوا، ولكن الله ردّده وكرره عليهم برحمته.
وقال الكسائي : أفنطوي عنكم الذكر طَيًّا فلا توعظون ولا تؤمرون.
وقيل : الذكر التذكر ؛ فكأنه قال : أنترك تذكيركم لأن كنتم قوماً مسرفين ؛ في قراءة من فتح.