حَذر الجَور والتطاخي وهل يَن
قُض ما في المَهارق الأهواء...
و﴿ عليٌّ أصله المرتفع، وهو هنا مستعار لشرف الصفة وهي استعارة شائعة.
وحكيم : أصله الذي الحكمة من صفات رأيه، فهو هنا مجاز لما يحوي الحكمة بما فيه من صلاح أحوال النفوس والقوانين المقيّمة لنظام الأمة.
ومعنى كون ذلك في علم الله : أن الله عَلمه كذلك وما عَلِمه الله لا يقبل الشك.
ومعناه : أن ما اشتمل عليه القرآن من المعاني هو من مراد الله وصدر عن علمه.
ويجوز أيضاً أن يفيد هذا شهادة بعلوّ القرآن وحكمته على حد قولهم في اليمين : الله يعلم، وعَلِم الله.
وتأكيد الكلام بـ ( إنَّ ) لردّ إنكار المخاطبين إذ كذّبوا أن يكون القرآن موحًى به من الله.
ولدينا ﴾ ظرف مستقر هو حال من ضمير ﴿ إِنهُ ﴾ أو من ﴿ أم الكتاب ﴾ والمقصود : زيادة تحقيق الخبر وتشريف المخبر عنه.
وقرأ الجمهور في ﴿ أم الكتاب ﴾ بضمّ همزة ﴿ أم ﴾.
وقرأه حمزة والكسائي بكسر همزة ﴿ إِم الكتاب ﴾ في الوصل اتباعاً لكسرة ﴿ في ﴾، فلو وقف على ﴿ في ﴾ لم يكسر الهمزة.
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (٥)
الفاء لتفريع الاستفهام الإنكاري على جملة ﴿ إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون ﴾ [ الزخرف : ٣ ]، أي أتحسبون أن إعراضكم عما نزل من هذا الكتاب يبعثنا على أن نقطع عنكم تجدد التذكير بإنزال شيء آخر من القرآن.
فلما أريدت إعادة تذكيرهم وكانوا قد قدم إليهم من التذكير ما فيه هديهم لو تأملوا وتدبروا، وكانت إعادة التذكير لهم موسومة في نظرهم بقلة الجدوى بيّن لهم أن استمرار إعراضهم لا يكون سبباً في قطع الإرشاد عنهم لأن الله رحيم بهم مريد لصلاحهم لا يصده إسرافهم في الإنكار عن زيادة التقدم إليهم بالمواعظ والهَدي.
والاستفهام إنكاري، أي لا يجوز أن نضرب عنكم الذكر صفحاً من جراء إسرافكم.