الصفة الرابعة : قوله ﴿الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً﴾ وقد ذكرنا في هذا الكتاب أن كون الأرض مهداً إنما حصل لأجل كونها واقفة ساكنة ولأجل كونها موصوفة بصفات مخصوصة باعتبارها يمكن الانتفاع بها في الزراعة وبناء الأبنية في كونها ساترة لعيوب الأحياء والأموات، ولما كان المهد موضع الراحة للصبي جعل الأرض مهداً لكثرة ما فيها من الراحات.
الصفة الخامسة : قوله ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً﴾ والمقصود أن انتفاع الناس إنما يكمل إذا قدر كل أحد أن يذهب من بلد إلى بلد ومن إقليم إلى إقليم، ولولا أن الله تعالى هيأ تلك السبل ووضع عليها علامات مخصوصة وإلا لما حصل هذا الانتفاع.
ثم قال تعالى :﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ يعني المقصود من وضع السبل أن يحصل لكم المكنة من الاهتداء، والثاني المعنى لتهتدوا إلى الحق في الدين.
الصفة السادسة : قوله تعالى :﴿والذي نَزَّلَ مِنَ السماء مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً﴾ وههنا مباحث أحدها : أن ظاهر هذه الآية يقتضي أن الماء ينزل من السماء، فهل الأمر كذلك أو يقال إنه ينزل من السحاب وسمي نازلاً من السماء لأن كل ماسماك فهو سماء ؟ وهذا البحث قد مرّ ذكره بالاستقصاء وثانيها : قوله ﴿بِقَدَرٍ﴾ أي إنما ينزل من السماء بقدر ما يحتاج إليه أهل تلك البقعة من غير زيادة ولا نقصان لا كما أنزل على قوم نوح بغير قدر حتى أغرقهم بل يقدر حتى يكون معاشاً لكم ولأنعامكم وثالثها : قوله ﴿فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً﴾ أي خالية من النبات فأحييناها وهو الإنشار.


الصفحة التالية
Icon