وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ ﴾
يعني المشركين.
﴿ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم ﴾ فأقرّوا له بالخلق والإيجاد، ثم عبدوا معه غيره جهلاً منهم.
وقد مضى في غير موضع.
قوله تعالى :﴿ الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً ﴾ وصف نفسه سبحانه بكمال القدرة.
وهذا ابتداء إخبارٍ منه عن نفسه، ولو كان هذا إخباراً عن قول الكفار لقال الذي جعل لنا الأرض ﴿ مَهْداً ﴾ فراشاً وبساطاً.
وقد تقدّم.
وقرأ الكوفيون "مَهْداً" ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً ﴾ أي معايش.
وقيل طرقاً، لتسلكوا منها إلى حيث أردتم.
﴿ لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ فتستدلون بمقدوراته على قدرته.
وقيل :"لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" في أسفاركم ؛ قاله ابن عيسى.
وقيل : لعلكم تعرفون نعمة الله عليكم ؛ قاله سعيد بن جبير.
وقيل : تهتدون إلى معايشكم.
قوله تعالى :﴿ والذي نَزَّلَ مِنَ السمآء مَآءً بِقَدَرٍ ﴾ قال ابن عباس : أي لا كما أنزِل على قوم نوح بغير قدر حتى أغرقهم، بل هو بقدر لا طوفان مغرق ولا قاصر عن الحاجة، حتى يكون معاشاً لكم ولأنعامكم.
﴿ فَأَنشَرْنَا ﴾ أي أحيينا.
﴿ بِهِ ﴾ أي بالماء.
﴿ بَلْدَةً مَّيْتاً ﴾ أي مقفرة من النبات.
﴿ كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ ﴾ أي من قبوركم ؛ لأن من قدر على هذا قدر على ذلك.
وقد مضى في "الأعراف" مجوّداً.
وقرأ يحيى بن وثّاب والأعمش وحمزة والكسائي وابن ذَكْوان عن ابن عامر "يَخْرُجُونَ" بفتح الياء وضم الراء.
الباقون على الفعل المجهول.
وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢)
فيه خمس مسائل :
الأولى قوله تعالى :
﴿ والذي خَلَقَ الأزواج ﴾ أي واللّهُ الذي خلق الأزواج.
قال سعيد بن جبير : أي الأصناف كلها.
وقال الحسن : الشتاء والصيف والليل والنهار والسموات والأرض والشمس والقمر والجنة والنار.