واعلم أنه تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام في آية أخرى أنه قال :﴿الذى خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ﴾ [ الشعراء : ٧٨ ] وحكى عنه ههنا أنه قال :﴿سَيَهْدِينِ﴾ فأجمع بينهما وقدر كأنه قال : فهو يهدين وسيهدين، فيدلان على استمرار الهداية في الحال والاستقبال ﴿وَجَعَلَهَا﴾ أي وجعل إبراهيم كلمة التوحيد التي تكلم بها وهي قوله ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مّمَّا تَعْبُدُونَ﴾ جارياً مجرى لا إله وقوله ﴿إِلاَّ الذي فَطَرَنِي﴾ جارياً مجرى قوله إلا الله فكان مجموع قوله ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاَّ الذي فَطَرَنِي﴾ جارياً مجرى قوله لا إله إلا الله ثم بيّن تعالى أن إبراهيم جعل هذه الكلمة باقية في عقبه أي في ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله ويدعو إلى توحيده ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي لعل من أشرك منهم يرجع بدعاء من وحد منهم، وقيل وجعلها الله، وقرىء كلمة على التخفيف وفي عقيبه.