وقال الوليد بن مسلم في قوله تعالى :﴿ وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ ﴾ قال : سألت عن ذلك خليد بن دَعْلَج فحدّثني عن قتادة قال : سألهم ليلة أسري به، لقي الأنبياء ولقي آدم ومالك خازن النار.
قلت : هذا هو الصحيح في تفسير هذه الآية.
و"مِنْ" التي قبل "رُسُلِنَا" على هذا القول غير زائدة.
وقال المبرد وجماعة من العلماء : إن المعنى واسأل أمم من قد أرسلنا من قبلك من رسلنا.
وروي أن في قراءة ابن مسعود "وَاسْأَلْ الَّذِي أَرْسَلْنَا إِلَيْهِم قَبْلَك رُسُلنا".
وهذه قراءة مفسّرة ؛ ف "مِن" على هذا زائدة، وهو قول مجاهد والسُّدّي والضحاك وقتادة وعطاء والحسن وابن عباس أيضاً.
أي واسأل مؤمني أهل الكتابين التوراة والإنجيل.
وقيل : المعنى سلنا يا محمد عن الأنبياء الذين أرسلنا قبلك ؛ فحذفت "عن"، والوقف على "رُسُلِنَا" على هذا تام، ثم ابتدأ بالاستفهام على طريق الإنكار.
وقيل : المعنى واسأل تُبَّاع مَن أرسلنا من قبلك من رسلنا، فحذف المضاف.
والخطاب للنبيّ ﷺ والمراد أمته.
﴿ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرحمن آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾ أخبر عن الآلهة كما أخبر عمن يعقل فقال :"يُعْبَدُونَ" ولم يقل تعبد ولا يعبدن، لأن الآلهة جرت عندهم مجرى من يعقل فأجري الخبر عنهم مجرى الخبر عمن يعقل.
وسبب هذا الأمر بالسؤال أن اليهود والمشركين قالوا للنبيّ ﷺ : إنّ ما جئت به مخالف لمن كان قبلك ؛ فأمره الله بسؤاله الأنبياء على جهة التوقيف والتقرير ؛ لا لأنه كان في شك منه.
واختلف أهل التأويل في سؤال النبيّ ﷺ لهم على قولين : أحدهما أنه سألهم فقالت الرسل بُعثنا بالتوحيد ؛ قاله الواقدي.
الثاني أنه لم يسألهم ليقينه بالله عز وجل ؛ حتى حكى ابن زيد أن ميكائيل قال لجبريل :"هل سألك محمد عن ذلك؟ فقال جبريل : هو أشدّ إيماناً وأعظم يقيناً من أن يسأل عن ذلك".
وقد تقدّم هذا المعنى في الروايتين حسبما ذكرناه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٦ صـ ﴾