وعن ولد الذكور دون الإناث لغة وشرعاً ؛ ولذلك وقع الميراث على الولد المعيّن وأولاد الذكور من المعيّن دون ولد الإناث لأنه من قوم آخرين، ولذلك لم يدخلوا في الحبس بهذا اللفظ ؛ قاله مالك في المجموعة وغيرها.
قلت : هذا مذهب مالك وجميع أصحابه المتقدّمين، ومن حجتهم على ذلك الإجماع على أن ولد البنات لا ميراث لهم مع قوله تعالى :
﴿ يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ ﴾ [ النساء : ١١ ].
وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن ولد البنات من الأولاد والأعقاب يدخلون في الأحباس ؛ يقول المحبس : حبست على ولدي أو على عَقِبي.
وهذا اختيار أبي عمر بن عبد البر وغيره ؛ واحتجوا بقول الله جل وعز :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ﴾ [ النساء : ٢٣ ].
قالوا : فلما حَرَّم الله البنات فحرمت بذلك بنت البنت بإجماع علم أنها بنت ووجب أن تدخل في حبس أبيها إذا حبس على ولده أو عقبه.
وقد مضى هذا المعنى في "الأنعام" مستوفى.
اللفظ الثاني البنون ؛ فإن قال : هذا حبس على ابني ؛ فلا يتعدّى الولد المعين ولا يتعدّد.
ولو قال ولدي، لتعدّى وتعدّد في كل من ولد.
وإن قال على بنيّ، دخل فيه الذكور والإناث.
قال مالك : من تصدّق على بنيه وبني بنيه فإن بناته وبنات بناته يدخلن في ذلك.
روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حبس على بناته فإن بنات بنته يدخلن في ذلك مع بنات صلبه.
والذي عليه جماعة أصحابه أن ولد البنات لا يدخلون في البنين.
فإن قيل : فقد قال النبيّ ﷺ في الحسن ابن ابنته :" إن ابني هذا سيّدٌ ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " قلنا : هذا مجاز، وإنما أشار به إلى تشريفه وتقديمه ؛ ألا ترى أنه يجوز نفيه عنه فيقول الرجل في ولد بنته ليس بابني ؛ ولو كان حقيقة ما جاز نفيه عنه ؛ لأن الحقائق لا تنفى عن منتسباتها.