قوله :" أنْ كُنتم " قرأ نافعٌ والأخَوان بالكسر على أنها شرطيةٌ، وإسرافُهم كان متحققاً، و " إنْ " إنما تدخلُ على غير المتحقِّق، أو المتحقِّقِ المبهم الزمانِ. وأجاب الزمخشريُّ :" أنَّه من الشرط الذي يَصْدُر عن المُدِلِّ بصحةِ الأمرِ والتحقيق لثبوتِه، كقول الأجير :" إنْ كنتُ عَمِلْتُ لك عملاً فَوَفِّني حقي " وهو عالمٌ بذلك، ولكنه يُخَيَّلُ في كلامِه أَنَّ تفريطَك في إيصالِ حقي فِعْلُ مَنْ له شكٌّ في استحقاقِه إياه تجهيلاً له ". وقيل : المعنى على المجازاةِ والمعنى : أفنضرِبُ عنكم الذِّكر صَفْحاً متى أَسْرَفتم أي : إنكم غيرُ متروكين من الإِنذار متى كنتم قوماً مُسْرفين. وهذا أراد أبو البقاء بقولِه :" وقرئ إنْ بكسرِها على الشرط، وما تقدَّم يدلُّ على الجواب ". والباقون بالفتحِ على العلَّة أي : لأَنْ كنتم، كقول الشاعر :
٣٩٨٢ أتَجْزَعُ أنْ بانَ الخليطُ المُوَدَّعُ | ........................ |
٣٩٨٣ أتَجْزَعُ أنْ أُذْنا قتيبةَ حُزَّتا | ............................... |
وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (٦)
قوله :﴿ وَكَمْ أَرْسَلْنَا ﴾ :" كم " خبريةٌ مفعولٌ مقدم. و " من نبيّ " تمييزٌ. و " في الأوَّلين " يتعلَّقُ بالإِرسالِ أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل نبي.
فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨)
قوله :﴿ بَطْشاً ﴾ : فيه وجهان، أحدهما : أنه تمييزٌ ل " أشدَّ ". والثاني : أنه حالٌ مِن الفاعل أي : أهلكناهم باطِشين.
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩)