قوله :﴿ إِذَا جَآءَنَا ﴾ : قرأ أبو عمروٍ والأخوان وحفصٌ " جاءنا " بإسنادِ الفعلِ إلى ضميرٍ مفردٍ يعودُ على لفظ " مَنْ " وهو العاشي، وحينئذٍ يكونُ هذا ممَّا حُمِل فيه على اللفظ ثم على المعنى، ثم على اللفظ، فإنَّه حُمِلَ أولاً على لفظِها في قوله :" نُقَيِّضْ له " " فهو له "، ثم جُمِع على معناها في قوله :" وإنَّهم ليَصُدُّونهم " و " يَحْسَبون أنهم "، ثم رَجَعَ إلى لفظِها في قوله :" جاءنا "، والباقون " جاءانا " مُسْنداً إلى ضميرِ تثنيةٍ، وهما العاشي وقَرينُه.
قوله :" بُعْدَ المَشْرِقَيْنِ " قيل : أراد المشرقَ والمغربَ، فغلَّبَ كالعُمَرَيْن والقَمَرَيْن. وقيل : أراد بمَشْرِقَيْ الشمسِ مَشْرِقَها في أقصرِ يومٍ ومَشْرِقَها في أطولِ يومٍ. وقيل : بُعْدَ المَشْرِقَيْن من المَغْرِبَيْن.
قوله :" فبِئْسَ القَرينُ " مخصوصُه محذوفٌ أي : أنت.
وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٩)
قوله :﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ ﴾ : في فاعلِه قولان، أحدهما : أنه ملفوظٌ به، وهو " أنَّكم " وما في حَيِّزِها. التقدير : ولن يَنْفَعَكم اشتراكُكم في العذاب بالتأسِّي، كما يَنْفَعُ الاشتراكُ في مصائب الدنيا فيتأسَّى المُصاب بمثلِه. ومنه قولُ الخنساء :

٣٩٩٦ ولولا كَثْرَةُ الباكِيْنَ حَوْلي على إخوانِهم لقَتَلْتُ نَفْسي
وما يَبْكُون مثلَ أخي ولكنْ أُعَزِّي النفسَ عنه بالتأسِّي


الصفحة التالية
Icon